بها اكتملت الطبيعة
ما أحلى الطبيعة الخلابة الجذابة للمشاعر والوجدان ، الساحرة للعيون ، الفاتنة بنقاء وصفاء لا مثيل لهم ، هذا كله رايته عندما ذهبت لصعيد مصر وبدأت أرى الشمس بنظرة لم انظرها لها من قبل ، وخاصة عندما تبسط أشعتها على النيل الهادئ الحاضن للكل والمعطى الخير لكل من يطلبه ، ويا للسحر عندما حاصرتنى الخضرة وثمارها من كل اتجاه ، حتى ذابت روحى داخلى من رقة وقوة وروعة المنظر .
فتوقفت ونزلت من عرب...تى وكأن الطبيعة تأخذنى ، وبسحرها تجذبنى نحوها ، وأخذت عينى تشبع جمالاً وتطلب أكثر وتشبع أكثر ، حتى لم اعد اعرف اين انظر وكيف أحول عينى من مشهد رائع إلى اخر اكثر روعة ، وقلت لنفسى إن كانت الأرض بكل هذا الجمال فكم ستكون السماء والفردوس (الجنة) ، ووجدتنى اتمشى بين الغيطان وألمس زرعها البكر بيدى ، بفرحة لم أشعر بها من قبل ، واخدت اجول راقصاً بخطوات صبيانية لم اتعود عليها .
وفجأة توقفت مذهولا عندما وجدتها ، وكأن جمال الطبيعة اكتمل بها ، لقد وجدت فتاة ريفية تعمل بالحقل ، حينما نظَرت لى غاب عقلى ونسيتى اسمى ، لم ارى هذه البرأءة فى وجه أمرأة ، وكأنها أخذت من الشمس نورها ومن الخضرة نضارتها ومن النهر صفائه ، شعرت بأن اللوحة أكتملت لأول مرة ، لم تأخذ الشمس منها بياض لونها ، بل كسته حمرة جعلتها متوهجة كالشعاع ، لم يمنع جلبابها الريفى الذى يكسوها شيئاً من جمال جسدها الفاتن ، ولم تحجب طرحتها السوداء المتسربلة بها شيئاً من نور وجهها الساطع .
ويا للسحر وهى متغطية بالخجل ، ويا للشوق الخارج من نظرتها خارقاً قلبى كالسهام ، نظرتها تطلب كل شئ وترفض كل شئ ، ابتسامتها التى تحاول منعها تفتح أبواب الحياة ، على خصرها تدور المجموعة الشمسية بأكلمها ، يديها الجميلتان لو لمست الاحجار ستتحول إلى أقمار ، ورقبتها كانت برجا عظيما مشيداً .
عندما اقتربت منى انتفض قلبى من ضلوعى ، فهمست لى قائلة: هل تهت عن الطريق ؟ فقلت لها لا !! بل لاول مرة اجده ، ونظرت إليها قائلاً: ماذا افعل حتى احافظ عليه ؟ فإزدادت حمرة مع ابتسامتها وقالت ماهو الذى تريد ان تحافظ عليه ؟ فقلت لها الطريق الذى وجدته والذى كنت أبحث عنه طيلة حياتى ، فقالت لى بنظرة وكأنها ترجونى ... ابقى هنا إذن إن كنت وجدت هنا ....
بقلم مينا شوقى